أمام عثرات الحياة

تفتح أميرة دفتر يوميّاتها وتغرق في البوح له “أغمض عينيّ، أتذكّر كلّ ما قيل لي، أتساءل هل فعلا أنا أتسوّل العطف والحب؟ هل أتسوّل شفقة أحبّائي ومن هم حولي؟

يحضرني قول أحدهم في مرّة من المرّات أذكر أنني قصصت له مشكلة حدثت معي، لم يغضبني منه أنّه استخفّ بألمي كعادته أكثر ما كسر قلبي منه هو قوله لي كفّي عن هذه الدراما.

حسنا أخطأت حين اعتقدت أنّك ستواسيني لكن أكان عليك الاستخفاف بما يوجعني حقّا؟

تأتي عليّ مرحلة أوقن أنّ لا أحد مجبر على الوقوف على ندوب جراحنا، لا أحد يملك الحقّ في الغوص في أعماقنا.

لكنّني ما ألبث وأرجع للبوح مرّة أخرى، الأمر مخزي، كيف نختصر مسافات من الركض إلى أشخاص لا يناسبوننا، يستخفّون بأوجاعنا ولا يشاركوننا أفراحنا، عليّ التّفكير بجديّة في هذا.

ما دمتَ لست مجبرا على تحمل نوبات غضبي، ولست مجبرا على سماع صراخي ودموعي، لم أنا مجبرة على سماعك واحتواء ضعفك، وقلة حيلتك؟

لم يطالبنا الكلّ بما لا يفعلونه؟ أنا لا أريد أي أحد أن يستمع لأحاديثي العرجاء من جديد، لن أطرق باب أحد ليؤنس وحشتي، ولن ألوم أحدا على ما حصل معي، لست ضحيّة لأحد.

حسنا هم لم يخطئو بحقّي، قدّمت لهم فقط أدوارًا وبرعو في تمثيلها، أنا فعلا أستحق ما حصل معي.

لأنّني كنت السبب، ذلك الشخص الذي احتقرني واستخفّ بي أنا التي أعطيته تلك الفرصة ليفعل ذلك، ذلك الذي استهان بمشاعري واستغفلني.

أنا التي تغافلت عن أخطائه معي وسمحت له بتكرارها، ذلك الذي يغيب دون سابق إنذار ويرجع بسلاّت من الأعذار الغبيّة، دون مقدّمات يجدني أنتظره دائما بحب و ودّ؟ ثمّ بدون خجل يطلب أن يجدني حين يغيب وحين يعود؟

أنا التي شاركته سلاسل الغياب والحضور دون حساب ككل مرّة، ذلك الذي لا يساوي أي شيء عند البقيّة وأنا من صنعت منه إنسانا باهتمامي به وغيرتي عليه وخوفي على خسرانه.

أنا المخطئة ووحدي من أتحمّل تبعات ما حصل معي، اليوم أنظر بزاوية غير التي كنت أنظر منها، صحيح أنّني متأخرة لكنّني اليوم موقنة أنه لا أحد كان يستحقّ القيمة التي أضفتها في حياته.

لن أندم بعد اليوم، قدّمت كل ما كان بوسعي تقديمه، اليوم لن ألوم أحد على ما يحصل معي.

لن أفضفض لأحد بعد الآن، إلاّ لأوراقي، سأكتفي بنفسي، بعيدا عن ظلال كل من حولي.

أنا لن أنقص بغياب أحد، ولن أموت على فراق أحد، ولن أذرف دموعا على من أضرم نيرانا من الكره لذاتي بسببه ذات يوم.”

تغلق دفترها وقد دفعت عن قلبها الكثير من المشاعر الغبية ورمت بالكثير من الأشخاص والمشاعر السيّئة بعيدا عن فؤادها. ثم عادت لتشاهدة سلسلة وثائقية عن الجرائم كعادتها، بعد أن أعدّت كوب قهوتها طبعا وهي تستمتع الآن.

رأي واحد حول “أمام عثرات الحياة

أضف تعليق