إيميلي كارتر [قصة قصيرة]

-سأذهب، لن أرجع مرة أخرى

تصرخ إيميلي

إذهب إلى جهنم إن أردت ما شأني؟…إذهب بدون رجعة حتى… تضربه على صدره وتعيد إذهب.

يمسك كارتر بكفها المستقر على صدره ويضع مفاتيح بيتهما عليه، ثم يمسك بمقبض حقيبته ويجرها خلفه.

تستغرق بعض الوقت حتى تستوعب فكرة رحيله النهائية، سرعان ما ترجع لنوبة صراخها لا تذهب، كارتر لا تتركني سأسقط في غيابك، سأسقط.

على الطرف الآخر يستقر هو وراء مقوده وعيناه تحتقنان دماء، لم يكن يريد خسارتها، هو يحبها لكن ماذا بوسعه أن يفعل أمام تلك الخيارات البائسة التي قدمتها له الحياة؟

يضرب مقود سيارته و هو يصرخ، عالم بقدري لا يجد حلا ليبقى مع حبيبته؟ ما فائدة ذكائي؟ ما فائدة عقلي اللعين؟ لم هذه المنظمة اللعينة تريد بحثي؟ يبكي كطفل صغير يمسح يفرك بإصبعيه عينيه، مضى بعض الوقت، ليصل إلى مقر عمله، يسرع للدخول، يلم مستلزماته الشخصية، يمسح كل البيانات الموجودة في الحاسوب الآخر، يحرق بعض الأوراق، يضع حاسوبه الشخصي بسرعة في محفظة، ثم يفتح أدراج مكتبه يبحث عن جواز سفره، يبحث و يبحث، يقف يحاول التذكر أين وضعه، يركع لفتح حقيبته…

مضت أربعة ساعات…

يستيقظ كارتر في مستودع قديم، ينظر حوله، والألم يطحن رقبته، يحاول فرك رقبته، لكنه مربوط بحبال.

ينظر إلى الطرف الآخر، لقد اشتاق لإيميلي كثيرا، هاهو الآن سعيد برؤيتها لكن؟ لم هي مربوطة بالحبال على الكرسي مثله، تمرّ لحظات يقول في نفسه لاشك أنني أتخيّل، يغمض عينيه لبعض الوقت، وإذا بها تنادي باسمه، كارتر، كارتر…
يرجع يفتح عينيه، للحظة شعرت بشلل يكبّل كلّ أطرافه، تركها حتى لا يؤذيها أحد بسببه، ولكن النتيجة في النّهاية هاهي أمامه، تفوته دموعه، لا يستطيع تحمّل ما رأته عيناه، يشعر بيدين تخنقانه، نفسه لا يترتّب، لم يحتمل، بدأ يصرخ بشدة
-مستحيل، إيميلي، أيها اللقيطون، لم أحضرتموها؟ لم فعلتم هذا؟ فلتتركوها. أطلقو سراحها.
لا يدري ما الذي يقوله فقط يصرخ.
تناديه بوهن
-كارتر، اهدأ أنا أرجوك، لا فائدة من صراخك، لأنهم ينوون قتلنا على كل حال.
-لا لن أسمحهم لهم بذلك، لا تقلقي حبيبتي، أنا معك.
-حين ذهبت وتركتني خلفك، لم أستطع التحمّل، هاتفتني أمي وطلبت مني الذهاب إيها، كنت ذاهبة إلى المطار حين أتوا، لا أدري عم كانو يبحثون، لكن سعيدة بأنني هنا معك.
يقول وهو ينظر إليها بلهفة
-ما هذا الجنون؟ لم تفعلين بي هذا وأكثر؟
-أحبك، فقط أريدك، لا يهم في أي قعر جهنم نكون، المهم أن نكون معا.
يبتسم بمرارة ويقول
– لا داعي أن أشرح لك ما حدث، كلّ ما حولنا يصرخ عاليا، بحبي وبقلة حيلتي أيضا.
يأتي بعض الرجال يطلبون منه البحث، يوشك أن يرضخ لهم لكن إيميلي تمنعه، يلكمونه بشدّة، يعذّبانهم كثيرا ثم يذهبون وهم يتوعدون بالرجوع.
-لم رفضت أن أخبرهم عن ذلك البحث اللعين؟ سيطلقون سراحنا بعدها.
-لأنهم سيقتلوننا حتى وإن أخبرتهم، وحسب ما فهمت أن ذلك البحث تهديد حقيقي على كلّ المعمورة، لا أريد أن نترك كوارث للعالم بعدنا يا كارتر، أنا أرجوك، لا تفعل هذا بنا.

صمت كارتر وأخذ يفكّر بحل، لم ينم الليل بطوله، أتو من جديد صباحا، طلب رؤية رئيسهم واتفق معه، كانت خائفة عليه جدّا، طلبت من الحراس قتلها المهم ألاّ يصيبه مكروه، رجع إيها سريعا، والحراس معه كانو سيفكّون وثاقها، لكنه أبعدهم، فك وثاقها، واخذها في قبلة عميقة بها اقتصّ من أشواقه وخوفه عليها، ثم أمسك بيدها وأخذها دون أن يتحدّث.

مرّ شهران على ذلك الأسبوع الذي قضياه معا، تمسح على بطنها وتقول:

كارتر، ابنك يكبر في أحشائي، يوما بعد يوم أشعر به أكثر هو ذكرى منك ولن أسمح لنفسي أن افقده كما فقدتك أعدك.

أضف تعليق